استضافت الحملة سمـاحة آية الله الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي
ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لحملة نور العترة استضافت الحملة سمـاحة آية الله الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي ، وقد تحدّث سماحته في بداية حديثه عن (حجّ العارفين) ، وأشار بأن المعرفة هي التي أمر الله سبحانه وتعالى بها نبيّه "ص" فقال : (وَقُل رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) ، وإذا كان رسول الله سيّدنا ونبيّنا ومولانا خاتم الأنبياء والمرسلين ، أشرف السفراء والمقرّبين مأمورًا بأن يكون لسان حاله المسمّى (رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) ، فكيف بنا وقد جعله الله أسوةً وقدوةً لنا ! والله سبحانه وتعالى يقول: (قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، فنحنُ بحكم هذه الآية مأمورون أيضًا بما هو مأمورٌ به ، وقد رُوِيَ عنه "ص" قوله : (أوّلُ العلمِ معرفةُ الجبّارِ ، وآخـرُ العلمِ تفويض ُ الأمرِ إليـه) ، فالتعرّف أولاً على الربّ سبحانه وتعالى ، الرّب الخالق الموجِد ، فمن الطبيعي أنّ ذلك أوّل ما يحاول العبد معرفته حتى يقرّر على أساسه مصيره ، وقد ورد في الأحاديث المشهورة (رَحِمَ اللهُ مَنْ عَرِفَ مِنْ أينَ ، وفي أينَ ، وإلـى أين) ، فإذا عَرِفَ هذه الثلاث فقد عَرِفَ كيف يقرّر مصيره في هذه الحياة ، ولأنّ الحجّ حجُّ العارفين سنبدأ ببعض الملاحظات اهتمامًا بها من صلاتنا :
1- يُلاحَظ في صلاتنا حينما تُفْتَتَح بتكبيرة الإحرام أنّنا نختلف في كيفيّة بداية تكبيرة الإحـرام للمصلّين المأمومين في صلاة الجماعة ، نرى أنّه في المسجد الحرام والمسجد النبوي لا ترتفع أصوات المصلّين بتكبيرة الإحرام مع هذا الجمع الهائل ، بينما في مساجدنا تُسمَع التكبيرات من المأمومين وبمختلف الأصوات ارتفاعًا وانخفاضًا ، وبلا خلاف فإنّ هناك استحبابًا بخفضّ الصوت في تكبيرة الإحرام ، ويُكرَه رفع الصوت ، إلى درجة أنْ قيل عن الصادق "ع" : (مَنْ رَفَعَ صوتَهُ بتكبيرةِ الإحـرام حتى يُسْمِعَ الإمامَ فكأنّما رماهُ بالسّهامِ) .
2- عندما يدخل المصلّي إلى المسجد ويرى صلاة الجماعة منعقدةً ، ويرى الإمام قد وصل إلى الركوع ، فيحاول أنْ يصل إلى الركوع حتّى يتصل بالجماعة ، فيقوم بترديد بعضٍ من العبارات (يالله ، إنّ الله مع الصابرين) ، وهذا لم يرد فيه أي خبرٍ مُرسلٍ ، أو مرفوع ٍ، أو مقطوعٍ بلا سند ، ولا خلاف بين الفقهاء في أنّه يُستحبّ للمصلّي أن يكبّر ولو كان بعيدًا عن صفّ الجماعة بنيّة الارتباط بصلاة الجماعة ، ويركع بركوع إمام الجماعة ، ثمّ عند الرفع من الركوع يحاول أنْ يصل إلى الجماعة ، لكن بدون أنْ يرفع رجله رفعًا ظـاهرًا ، وقد ورد في الكتب الفقهيّة تأكـيدٌ بعدم رفع الصوت وذلك حتّى يحضر القلب ، حيث لا تكون الصلاة إلا بحضور قلبٍ ، وقد ورد عن أئمة أهل البيت "ع" في تفسير قوله تعالى : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) أي إذا قُرِئَ القرآن في صلاة الجماعة بقراءة الإمام فاستمعوا له وأنصتوا ، وهذا يستدعي ويستوجب أنْ تُهيَأ الأجواء لهذا الأمـر بأنْ لا ترتفع الأصوات المناوئة والمخالفة والشاقّة لهيمنة قراءة القرآن ولا سيّما في الصلوات الجهريّة مثل صلاتي المغرب والعشاء .
3- بعد الانتهاء من الصلاة يرتفع الصوت بتلاوة الآيـة الكريمة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) وبعد الانتهاء تُجرُّ الأصوات بالصلوات ثلاثًا ، فلا يوجد دليلٌ شرعيٌّ عليها ، والوراد في تعقيبات صلاة المغرب أنّ من جملتها تلاوة هذه الآيـة (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ثمّ نقول : (اللهمّ صلِّ على محمدٍ النبيّ وعلى ذريّته وعلى أهل بيته) وبهذا اللفظ وردت في كتاب مفاتيح الجنان .
وقد تحدّث سماحته أيضاً عن سبب اتّخاذ لفظ (اللهمّ صلِّ على محمدٍ وآل محمدٍ) شعارًا للإسلام الشيعيّ دون غيره ، مبيّنًا أنّ هذه العبارة تشتمل على ثلاثة من أصول الدّين في التعداد الشيعي ، حيث يشتمل على التوحيد (اللهمّ) ، وعلى النبوّة (صلِّ على محمد) ، وعلى الإمام (وآل محمد) ، وأمّا رفع الصوت بالصلاة بشكلٍ جماعيّ فتاريخه يعود إلى قبل خمسمائـة سنةٍ تقريبًا ، ولا يوجد أي خبر أو روايـة أنّه في عهد الرسول الكريم "ص" أو في عهد الأئمة الأطهار في مجْمعٍ من المجاميع ، وليس المقصود من قول الرسول : (مَنْ رفعَ صوتَهُ بالصلاةِ عليَّ ثَقَّلَ اللهُ ميزانه) الرفع الجماعي ، فليس هناك أيّ شاهد تاريخيٍّ طوال مائتين وستين سنة في حضور المعصومين "ع" ، لكنّ علماءنا اتخذوا هذه الطريقة ، وهذه الطريقة لا تُعتبر بدعةً ، لأنّ العمل في أساسه عملٌ إسلاميٌّ شـرعي .
4- سبب تلقيب الإمام الباقر "ع" بهذا اللقب ، حيث إنّ معنى الباقر هو الذي بَقَر أيّ شقّ بطن الإسـلام ، فأخـرج منه الإسلام الذي رَضِيَ الله به في آيـة الإكمال ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) ، فأمير المؤمنين "ع" بيّن بعضَ الجوانب ، وكذلك الحسنُ والحسينُ وزينُ العابدين "ع"
5- سبب تكنية الإمام الباقر بـأبي جـعفر ، فلماذا لم يُكَنَّ بكُنية جدّه أبي القاسم "ص" ، والأئمة يرتسمون خطا جدّهم "ص" ؟ والجواب على ذلك أنّ الرسول "ص" قال : (سمُّوا باسمي ، ولا تُكنّوا بكُنيتي) إلى درجة أنّ المرحوم الصدوق له فتاوى شاذّة مِن جملتها (تحريم الجمع بين اسم محمد وكُنية أبي القاسم) ، وقد ذكر العلماء أنّ هذا من خصائص خاتم الأنبياء والأوصياء .
6- كُنية صاحب العصر والزّمان المشهورة (أبو صالح) فلا دليل على ذلك ، وقد جاءت هذه الكُنية عندما اقترح السيد ابن طاووس أنْ يُكنَّى بهذه الكُنية رعايةً للتقيّة والكُنية الصحيحة هي كُنية جدّه الرسول "ص" ، وتقرأ ذلك في مفاتيح الجنان في دعاء التوسّل ، فما الضرر من استبدال الكُنية ؟ والجواب على ذلك بقول الرسول "ص" : (لو لمْ يبقَ مِنَ الدّنيا إلا يومٌ واحدٌ ، لطوّلَ اللهُ ذلك اليوم حتى يظهرَ رجلٌ مِنْ ولدي يواطئ اسمه اسمي وكُنيته كنيتي) .
لاتوجد تعليقات بعد
الجمعة 24 محرم 1434هـ
الموافق 7 ديسمبر 2012م