كان لنا لقاء مع الشيخ حسن الرمضاني الخراساني في قم المقدسة بتاريخ 20-6-1424هـ وهو أستاذ الفلسفة والعرفان، ومن تلامذة الشيخ حسن زاده آملي، فأجرينا معه الحوار التالي:

س1: كيف أعرف أن ما حصل لي وهم أو كشف؟

الجواب: الكشف كشف رباني، وكشف شيطاني أو نفساني. وقد بحث القيصري الكشف في مقدمة شرح الفصوص في الفصل السابع.

والكشف مثله مثل الرؤيا فمنها ما هو صادق، ومنها ما هو عبارة عن رؤية أفكار الرائي أو ما يكون في داخل خياله.

والعلماء المتخصصون عينوا موازين لمعرفة الكشف الرباني والكشف الشيطاني، كمثل المنطق للتفرقة بين الأفكار الصحيحة والأفكار الباطلة، وهذا في العرفان النظري حيثُ هناك وضعوا ميزاناً للكشف الرباني والكشف الشيطاني.

والموازين قسمان:

القسم الأول: موازين عامة، وهي:

1-الكشف التام المحمدي، أي القرآن، فإذا طابقت المكاشفات القرآن كانت صحيحة وإن لم تكن كذلك فهي باطلة.

2-السنة النبوية.

القسم الثاني: موازين خاصة:

وهو المرشد: حيثُ المريد يعرض كشفه على المرشد، لذا يقال إن عند المرشد موازين خاصة ببعض الأوقات أو بعض الأشخاص أو بعض الموارد المعينة ويمكن الاستزادة من كتاب تمهيد القواعد في أواخره وكذلك شارح الكتاب، وكذلك في كتاب مصباح الأنس.

والكشف إما معنوي و إما صوري:

-المعنوي: أن يقع في قلب الإنسان مطلب كان غافلاً عنه أو جاهلاً به فينفتح قلبه ويفهم ومن دون أن يكون هذا الفهم بواسطة سمع شيء أو بواسطة رؤية شيء أو شم شيء أو لمس شيء أو ذوق شيء وهذا معنى المعنوي أي بلا صورة.

-الصوري: أي الإنسان يرى شيئاً أو يسمع شيئاً ....الخ وهو خمسة أقسام بحسب الحواس فيشم عطراً، أو يرى شخصاً من دون أن يكون الشخص موجودًا، أو يحس ببردٍ شديد من دون أن يكون هناك برد (من دون موجب ظاهري).

(بعض الأصدقاء) كان يقول عندما أسلّم في آخر الصلاة على النبي excaim أنتظر الجواب من الرسول excaim ويكون الجواب رائحة طيبة - بعد تأمل وصبرٍ قليلٍ- والسلام جائز والجواب واجب، فكيف إذا كان السلام واجب، حتماً يكون الجواب واجباً من باب أولى.

س2: لإبليس خبرة عبادية سلوكية والعارف المبتدئ أين ما يحط برجله فسيكون إبليس قد وضع رجله قبله لأنه أخبر منه، وكمثال فإن ابن عربي سالك ولكن مايدرينا بأنه لم يشوش عليه الشيطان؟

الجواب: ابن عربي نفسه يقول :بأن العارف قد يحصل في كشفه المخلوطات كما في (كتاب الفتوحات المكية) وغيرها، وهو لا يدعي العصمة في كشفه، وهو يقول: لست نبيًّا ولا رسولًا. فعليه لابد من العودة إلى الموازين التي ذكرناها، وابن عربي ذكر هذه الموازين التي ذكرناها فليس بحاجة إلى توصياتنا.

والإنسان عليه وفي أي مرحلة كان - سواء كان مبتدئًا أو غير ذلك- أن يدعو الله بكل وجوده بصدق: (اهدنا الصراط المستقيم)، سواء كان مبتدئًا أو عارفاً أو ولياً أو معصوماً، كلهم يقولون (اهدنا الصراط المستقيم) في صلاتهم، فلسنا بغنىً عن هداية الله. النبيexcaim كان يقول: (ربي زدني علماً وألحقني بالصالحين) زدني علماً في ناحية العلم وألحقني بالصالحين من ناحية العمل.

لابد من دراسة كتاب الأسفار المجلد السادس في علم الباري تعالى، لأن الكلام حول علم الباري بهذا الشكل ليس كما ينبغي – أي كما في الفتوحات وغيره-.

والآخوند الملا صدرا تكلم قريباً من مئتين صفحة في علم الباري .والمهم العلم بما سواه تعالى، وإلا فالعلم بذاته تعالى لا كلام فيه.

ولكن لابد من دراسة الحكمة المتعارفة أولاً، ثم دراسة الحكمة المتعالية، عند ذلك يكون مستفيداً ويعرف آراء ابن عربي جيداً.

س3: بعض الأعلام لا يقبل الملا صدرا، ولا يقبل ابن عربي، ولا يقبل الشيخ أحمد الأحسائي، ولكنه يقبل بعض المباني الفلسفية فأين نصنفه؟ لأن المدرسة التفكيكية ترفض الفلسفة رأساً؟!

الجواب: يمكن أن يصنف فيلسوفاً متعارفاً يريد أن يفهم مغزى مراد العارف. والحكمة البحثية المتعارفة لا يليق بها فهم هذه الدقائق، فلابد للإنسان من دراسة دورة ولو خفيفة من العرفان النظري (كتمهيد القواعد لابن تركه) عند أستاذٍ خبير في الفن، لأن كلام ابن عربي مبنيٌ على الرمز. في كثير من المواضع ألفاظ ظاهرةٌ تافهةٌ جداً أما إذا وضع هذا الكلام بيد خبير يفهم هذا الظاهر ويستخرج منه الباطن الذي يريده ابن عربي، فيختلف الأمر.

مثلاً يقول ابن عربي: (ثمار الجنة تنضج بحرارة نار جهنم) هذا الكلام بحسب الظاهر غير مقبول، لكن الملا صدرا يفك هذا الرمز، بل ويبين أنه بغير هذا الشكل لا يمكن.

وهذه الأمور بالمراجعة والمطالعة وبدون إرشاد مرشد وبدون هداية الأستاذ غير ممكنة.

س4: نجد البعض يضمن كتبه عبارات لابن عربي، وهؤلاء ربما يكونون ممن هم ضد ابن عربي، وعلى سبيل المثال: ينقلون كلاماً للشيخ البهائي يعتمدونه في مؤلفاتهم، والشيخ البهائي ينقل هذه الكلمات من ابن عربي، فكيف نفسر هذا مع العلم أن التطور في البحث الألكتروني كشف كثيراً من هذه الكلمات لابن عربي؟

الجواب:هذا فيه إشكال من جهات:

ففي زماننا هذا يُعد سرقة. والجهة الأخرى : انظر إلى ما قيل ولا تنظر إلى من قال، لأن الشخص إذا كان ذا بصيرة من دون الالتفات إلى هذا الكلام لمن فإنه يقبله.

والاستفادة من كلمات ابن عربي وعدم قبوله مثاله مثال المسيحي الذي لا يقبل بالمهدي عليه السلام وهو الإنسان الكامل رغم أن رزقه يأتي من جهة المهدي عليه السلام، والمثال الثاني الأوضح هو الله تبارك وتعالى الذي هو مصدر الرزق ومع هذا الملحد لا يؤمن به ولكن مدد حياته يأتي منه تعالى.

وعند خروجنا طلبنا منه نصيحة فقال : الذل في الله خير من العز مع غير الله .

صورة مع الشيخ الرمضاني في منزله